خريبكة..فضاء سكومة يزين (قصة ابتسامة) بلبوس مسرحي أسطوري باهر
متابعة المصطفى الصوفي:
يبدو ان فضاء سكومة لمحترفي التنشيط بخريبكة، من خلال تجربته في المجال اكتسب مهارات كبيرة ومفيدة، على مستوى تقديم الفرجة الفنية سواء في الهواء الطلق او داخل القاعة، وهو ما تحقق له في الكثير من المناسبات.
ولعل ابداعات فضاء سكومة، الموجهة للأطفال خصوصا، عبر مشروعه الفني “قافلة الابتسامة” التي جابت الكثير من الحواضر والاحراش، والدواوير، والمؤسسات التعليمية، تقتفي سيرورة المسرح بما فيه من شخوص، وموسيقى، ودراما وكوميديا، تخلص الملتقي من رزايا الروح والقلب، وتزرع ازهار الفرحة على محيا الصبايا، وهذا هو المبتغى من كل عمل ابداعي في نهاية المطاف.
في هذا السياق، بادر الفنان هاشم سكومة، بتقديم عرض فني يوم السبت 23 نونبر الجاري، وهو يوم عيد ميلاده، بالخزانة الوسائطية التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط، من خلاله زين العرض الذي سماه ب “قصة ابتسامة” بلبوس المسرح، تأليفا واضاءة وإخراجا، وهو العمل الذي تفاعل معه الجمهور، الذي غصت به القاعة بشكل مثير ولافت للغاية.
وفي أجواء ممطرة وشاعرية، حج الى فضاء الخزانة العشرات من الأطفال وابائهم واولياء امورهم فرحين، لمتابعة شخصية الابتسامة تفك ظفيرتها، وتحكي مغامراتها المشوقة للحاضرين، على ضوء الشموع، تارة تشبه الفراش، وتارة تحاكي صفاء الاحلام، وأخرى، ترفرف كالطيور باتجاه الأعالي بحثا عن نخوة الحرية والنقاء، والضفاف العجائبية الاسطورية.
واستهلت الابتسامة رقصتها وحكايتها المسرحية، بأضواء غاية في التشويق، ليتدخل الشخوص في عالم درامي، ثم تنقشع شيئا فشيئا غياهب التوجس والخوف، لتضاء انوار الفرحة، في قالب سينوغرافي ممتع وفريد من نوعه، ولتتحول المشاهد الى احتفالية جماعية، تتغنى بصفاء الحب، والسلام والبراءة، والوجدان.
وقد انبهر الجمهور، بهذا العرض المركز، الذي استطاع فيه عمو هشام، ولفيف من الممثلين والفنانين الحالمين، ان يضيف الى ابداعه القديم الشيء الكثير، مما يبزر الاجتهاد البارز، والجهود الفنية الكبيرة التي أقدم عليها فريق العمل، لجعل هذه الابتسامة ككائن وديع، تحكي مغامراتها، واحلامها، تتفاعل، تغني، وترقص في زهو وشموخ برؤية اخراجية لها فسيفساء الاحلام.
بهذا العرض المسرحي، الذي قدم على هامش الدورة السابعة من مهرجان الرواد الدولي للمسرح، وهو العرض الذي مثل المغرب خارج المسابقة الرسمية، بعدما تم اختيار السنة الماضية عرضا من أوربا، بهذا العرض، يكون عراب الطفولة، الذي تقاسم معه الجمهور ذكرى عيد ميلاده، وادارة المهرجان، قد وقعا بحروف احترافية، على تجربة مسرحية جديدة وفريدة، تستلهم نسقها الجمالي والفني من تطوير العمل الفني، ومن عبق الطفولة، وسحر البراءة، وعنفوان المستقبل، والأمل، تكريسا لقيم الحوار والتواصل والفن النبيل، والاهتمام بأجيال المستقبل.
واستطاع هذا العرض البهيج، الذي استحسنه الجمهور، والمفعم بمعاني الحب والتفاؤل، ان يحقق نوعا من التوازن الفني الرزين، والسير جنبا الى جنب مع مهرجان الرواد، لجعل المسرح، انطلاقا من مثل هذا العرض النموذجي، والورشات، خطوة فنية لتطوير الممارسة الفنية، وبابا للسمو بأحلام الصبايا، والانفتاح على الاخر، وتقاسم القيم السامية للأطفال والشباب رمز الغد والمستقبل معهم، في افق توطين مسرحي واعد، قادر على رسم معالم فن كوني وانساني نبيل من عاصمة الفوسفاط.